..
عندما يقدم شخص - أي شخص - علي اتخاذ قرار - أي قرار - فإنه غالبا ما سيقع في حيرة من أمره، فغالبا ما يكون للشخص رأي مخالف لهوي معارفه وأصدقائه وأهله.. فيري الشخص رأيه صوابًا لا يحتمل الخطأ.. تماما مثلما يري فريق الجبهة الأخري بأن رأيهم هو الصواب وما دون ذلك هو العبط بعينه.. فيقع متخذ القرار في مأزق حرج.. في حين تتباين تصرفات متخذ القرار إما شجاعاً أو جباناً.
فالشجاع هو من يختلي بنفسه عند اتخاذ القرار.. يعرض الأمر كليًا علي عقله.. ويفكر بموضوعية تامة.. متخذا من آراء الناس من حوله مجرد نصائح وإرشادات ليس إلا.. أي أنه غير ملتزم بتنفيذ أي منها.. ولكنه يفكر فيها بحيادية تامة.. وهو مقتنع تمامًا بأنه لا أحد يحتكر الصواب.. ولا يوجد الشخص الحائز علي خلاصة تجارب الحياة.. ولا أحد يعرف الطريق الصحيح من الغلط.. ولا يوجد في الكون من يعرف المشكلة بأبعادها الكاملة أكثر منه.. لذا فالشجاع يكون قراره نابعًا من نفسه بكل الصدق مع النفس متعاملا بحيادية تامة مع جميع النصائح الخارجية.. متخذا منها ما يراه هو فقط في صالحه.. وضاربًا بعرض الحائط ما غير ذلك.
أما الجبان .. هو من يترك نفسه عرضة لهوي غيره.. من يترك دماغه للآخرين كي يؤثروا فيها.. من يعتقد أن الآخر يفهم المشكلة بعمق أكبر منه وأن الآخر هو القادر علي رسم الطريق الذي يسير عليه.. الجبان من يجعل الآخرين يعيشون حياته دون أن يعيشها هو.
طبعا تنتظر الآن قارئي العزيز إذا كنت شاباً.. ممتلأ بالتمرد والثورة أن أريحك وأخبرك بأن الشجاع هو دائما من يختار الطريق الصحيح.. وأما إذا كنت قد جاوزت أو تجاوزت مرحلة الشباب أو أصبحت مسئولاً فإنك تود لو أخبرك بأن الطريق الثاني هو الصحيح.. وأن الجبن في تلك الحالة ليس إلا لأن الآخر يعرف مصلحتك أكثر منك وأنك مازلت لا تقوي علي الاختيار بنفسك، ولكني أصارحك بأن أيا من الطريقين لن يوفرا لك بالضرورة الاختيار الصحيح.. اشطة؟!
ولكن ماذا سيحدث إن كان الاختيار خاطئًا؟!.. إذا كنت قد تحليت بالشجاعة عند اتخاذك للقرار.. فإنك ستتحلي بالشجاعة مرة أخري وستعلن للجميع أنك كنت مخطئًا حين اتخذت قرارك.. وستتعلم من خطئك ولن تختار مثل ذلك الاختيار ثانيا.. وستكون ساعتها قد دقت طعم الخطأ اللذيذ.. ذلك الخطأ الذي يدفعك بعد ذلك دفعا مؤزرًا للصواب.. وعدم الرجوع للخطأ مرة أخري.
أما إن كنت لم تتحل بالشجاعة عند اختيار القرار.. فإنك لن تعترف بالخطأ وستكمل السير في الوحل مكابرة منك علي الاعتراف بالخطأ أو ستحمله للآخرين.. الآخرون الذين أرغموك علي الاختيار.. وقتها سيتنصلوا منك أو في أحسن الأحوال سيطيبوا خاطرك بكلمتين.. وقتها ستكون خرجت من التجربة بفشل وألم وحسرة.
لذلك .. كن صادقا مع نفسك.. واجعل قرارك نابعا من قرارة نفسك.. وأعلم أن تلك هي حياتك التي أوجدك الله هنا كي تعيشها.. لا كي تجعل الآخرين يعيشوها بدلاً منك
..
منقول