احمد كمال - عضو أوعى وشك -
عدد المساهمات : 343 نقاط : 5962 تاريخ التسجيل : 27/04/2010 العمر : 44 المزاج : الف الحمد لله
| موضوع: ساندوتش شاورمه الجمعة يونيو 04, 2010 10:36 pm | |
| سار فوق الرصيف المزدحم على مهل واضعاً كلتا يديه في جيوبه ، كانت يده اليمنى تعبث بورقة من فئة العشرين جنيهاً هي كل ما تبقى له من مرتبه ، كم تمنى لو ترك وظيفته وعمل في عمل يحبه ، يشعر بالاختناق في ذلك العمل المكتبي الذي لا يمت بصلة لمؤهله وطموحاته ، ولكنه أفضل من البطالة على أية حال .
جالت عيناه بين الواجهات الزجاجية للمتاجر التي عرضت شتى ألوان الملابس والبضائع فيما كان ذهنه يرسم صورة لموقف طالما تمنى حدوثه ، رأى نفسه واقفاً أمام مديره البغيض وقد أمسك باستقالته في يده : - أيها السيد البغيض لم أعد أطيق العمل معك ، إن عقليتك المتحجرة وأسلوبك الاستبدادي ، وشعورك الدائم بالدونية رغم منصبك الكبير كلها صفات جعلت منك نهباً للوساوس التي صورت لك أننا جميعاً نريد منصبك ، يا هذا ، أنت وأمثالك وبال على هذا البلد ، أنا أعرف حجم تجاوزاتك المالية وحجم الرشاوى التي تتقاضاها ، بينما تدعي الشرف والنزاهة أمام الجميع ، والكل يعلم حقيقتك ولكن لا أحد يجرؤ على مواجهتك (تصور نفسه وهو يستدير ويمشي أمام المدير في عصبية جيئة وذهاباً كما يفعل الممثلون في مسلسلات التلفاز أثناء حديثهم) .. ولكن .. ولكن (رافعاً سبابته في وجه المدير وقد سلط عينين ناريتين على عيني الرجل) لقد انتهى كل شيء ، من الآن فصاعداً لن أخضع لك ، أنا لا أريد وظيفتكم المملة ولا قروشكم القليلة ، أفضل الجوع على هذه الحياة ، حياة العبودية والقهر (وضع استقالته على مكتب المدير بعصبية حتى أن المكتب اهتز محدثاً دوياً عائلاً جعل المدير ينتفض في مكانه) ها أنا ذا أقدم استقالتي ، لا شيء أفضل من الحرية .. الحرية .. (انتابت المدير حالة من الذهول ، بينما استدار هو مردداً .. الحرية .. الحرية حتى خرج من باب الغرفة) .
أفاق على رائحة غاية في الروعة تنبعث من مطعم يقع وسط المتاجر ، اقتحمت رائحة الشاورمة عليه دنياه بثقة عجيبة ودلفت إلى تلافيف مخه كما يدلف صاحب السلطة إلى أي مكان دون استئذان ، تسمرت قدماه في مواجهة العامل الواقف أمام آلة الشارومة ممسكاً بالسكين الطويلة البراقة ، أخذ يرقبه في إعجاب وانبهار وهو يقطع اللحم إلى شرائح رقيقة ، وهوى فؤاده معها إلى الصينية التي تجمع فيها الدسم اللذيذ مختلطاً بقطع الطماطم ، من هنا تنبعث الرائحة التي تخلب الألباب ، يا إلهي ، تمنى لو أنه اصطحب ذلك القمع الضخم من اللحم الشهي معه إلى البيت ، ثم اشترى (ألف عيش) هكذا يقول أبناء البلد إشارة إلى كميات الخبز الكبيرة ، ولا مانع من بعض علب المياه الغازية الباردة ، تخيل نفسه واقفاً في وسط غرفته الصغيرة وقد تدلى قمع الشاورمة من السقف أمامه مباشرة بواسطة حبل متين ، بينما ارتدى هو حُلة سوداء من نوع السموكنج ذات الذي الطويل وأمسك السكين الطويلة في يده ، نقر بها عدة مرات على ظهر مقعد خشبي فساد صمت مهيب ، رفع السكين في الهواء معطياً إشارة البدء ، ارتفع صوت موسيقى باليه كسارة البندق ، احتضن قمع الشاورمة في شوق بالغ رافعاً رأسه في شمم كما يفعل راقصو الباليه ، أغمض عينيه والتقى حاجباه في تأثر ، أخذ يراقص القمع على أنغام الفالس الشهير ويدور في جنبات الغرفة الضيقة محتضناً إياه وقد تنقلت قدماه على الأرضية في رشاقة وخفة عجيبين .
أفاق على صوت زقزقة عصفور ، تلفت حوله ، وجده أسيراً في أحد الأقفاص المعلقة أمام متجر للحيوانات الأليفة ، تعلقت عيناه بعيني العصفور لفترة غير قصيرة ، تلاشت كل الأصوات من حوله وبقي صوت زقزقة العصفور الصغير ، اختفى المارة والسيارات ، وخلا الشارع بأكمله وبقي وحده واقفاً أمام الطائر الصغير مصيخاً السمع إلى صوت منقاره وهو يلتقط بعض الحبوب من وعاء صغير موضوع في القفص ثم يرفع بصره في أسى إلى السماء الفسيحة ، فاضت نفسه بالشفقة ، ما هذا الظلم؟ كيف يجد الناس متعتهم في اقتناء طائر محبوس؟ لابد من عمل شيء ، توجه إلى الشخص الواقف أمام المتجر سأله في حزم : - بكم هذا العصفور ؟ - بعشرين جنيهاً . نظر في عيني العصفور مزهواً كم ستكون سعادة هذا الطائر حين يحلق في الفضاء من جديد ، ربما تكون العشرين جنيهاً هي كل ما يملكه حالياً ، ولكنها تغدو مجرد مبلغ تافه إذا ما قورنت بعمل جلل كهذا ، تخيل نفسه واقفاً فوق منبر عالٍ في مكان فسيح يخطب في جموع الموظفين المقهورين : - يا سادة ، إن المال ليس كل شيء ، إن حاجات البطن ينبغي أن تأتي في ذيل أولوياتنا ، علينا أن نعمل جاهدين من أجل سد حاجات الروح والعقل ، ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان .. (ارتفع صوت هتاف الجموع مختلطاً بتصفيق حاد) .
أفاق على شعور بتقلص في معدته ، يا للجوع اللعين ، عادت رائحة الشاورمة قوية هذه المرة مع هبوب ريح خفيفة ، سال لعابه بشدة وزاغ بصره ، استدار متجهاً إلى بائع الشاورمة : سندوتشين من فضلك ، (ثم أردف) وعلبة مياه غازية باردة ، وقف يرقب بائع الشاورمة بصبر فارغ حتى انتهى من إعداد المطلوب ، أمسك بالسندوتش بكلتا يديه ، بدأ يقضم في نهم ، مر بجوار الطائر الصغير مجتنباً النظر إلى عينيه .
| |
|
samar - نائب المدير العام -
عدد المساهمات : 1142 نقاط : 6975 تاريخ التسجيل : 02/11/2009 العمر : 34 الوظيفه : سكرتيره ومنسق تدريب الطرق المؤدية للتعليم العالى المزاج : الحمدلله تمام
| موضوع: رد: ساندوتش شاورمه الأربعاء يونيو 09, 2010 9:25 pm | |
| هى قصه جميله بس ماقدرتش اوصل للهدف الاساسى لان النهايه غير متوقعه | |
|
احمد كمال - عضو أوعى وشك -
عدد المساهمات : 343 نقاط : 5962 تاريخ التسجيل : 27/04/2010 العمر : 44 المزاج : الف الحمد لله
| موضوع: رد: ساندوتش شاورمه الخميس يونيو 10, 2010 1:57 pm | |
| النهايه ان البعض ان لم يكن الكل يفكر فى نفسه (بعيدا عن الشعارات) وان قيس لم يتزوج ليلى فالقصه حقيقيه وليست فيلم عربى | |
|
samar - نائب المدير العام -
عدد المساهمات : 1142 نقاط : 6975 تاريخ التسجيل : 02/11/2009 العمر : 34 الوظيفه : سكرتيره ومنسق تدريب الطرق المؤدية للتعليم العالى المزاج : الحمدلله تمام
| موضوع: رد: ساندوتش شاورمه الجمعة يونيو 11, 2010 12:20 am | |
| اها وصلت شكرا لحضرتك فعلا هى قصه جميله وواقعيه جدا | |
|