خبير تنمية بشرية : سوق التنمية البشرية فيه فئة تبيع الوهم
عالم التدريب والتنمية البشرية من المجالات التي تبهر الشباب وتجذب انتباهه وتبنى لديه تصورات بأن هذا المجال أشبه بعصا سحرية وكفيل بحل المشكلات بسهولة ويسر وأقل جهد .. فهل صحيح أن ولوج الشباب هذا المجال كفيل بحل إشكاليات البطالة وتدنى الكفاءات وضعف الأداء على شتى المستويات ؟ وهل هناك تدريب وهمي غرضه الكسب فقط دون أن يضيف إلى المتدرب فائدة ذات بال ؟ وما هي معايير التدريب الناجح حتى يكون كما ينشده الشباب المفتاح السري لإشكالية النجاح ؟ هذه التساؤلات وغيرها أجاب عليها محمد عبد العزيز السقا خبير التنمية البشرية في حوار مليء بالصدق والشفافية.
حيث أكد السقا أن هناك فعلا من يعمل في مجال التنمية البشرية من أجل الربح على اعتبارها نوع من أنواع البيزنس مشيرا إلى أنها أصبحت باباً من أبواب التجارة وتسمى بالدورات التجارية وهي تشبه الصحف الصفراء أو أفلام السينما الهابطة التي تجعل الفرد يعيش في الوهم واللاوعي ، مشيرا إلى أنها في نظره مخدرات بشرية أو حبوب تغييب عن الواقع والكارثة التي نحياها بكل المقاييس ، مبيناً أن هذه الدورات التجارية تعتمد على الـ(شو والإبهار) وتعتبر نوع جديد من الدجل والشعوذة (فسحروا أعين الناس واسترهبوهم وجاءوا بسحر عظيم) وهى تختلف عن علم التنمية البشرية الحقيقي الذي يشبهه بثعبان موسى (عصا موسى) من حيث صدقه وقوته وإعجازه وقدرته على تغيير النفوس بفعل ما يحمل معه من معرفة حقيقة بالله والنفس والكون وليس وهم أو خداع بصري كالذي يفعله السحرة الجدد (من يتاجرون بدورات تنمية الذات) .
وأضاف أن مثل تلك الدورات التجارية قد تحقق استفادة لكن ضعيفة ووقتية ورغم ذلك قد تأتي بخير مع الشخصيات المتميزة بحيث يوفقه الله للاستفادة مما يسمع، مشيرا إلى أن هذه الدورات لها وجه آخر يتمثل في استفادة محدودة أو معلومة أو على الأقل أنها قد تثير الموضوع في نفوس بعض الناس أو تحرك الماء الراكد، موضحا أنها وحدها لا تكفي ولا تغني وليست الأمثل.
عناصر التدريب الستة
وقال أن الحل الأمثل هو التدريب بمعنى الكلمة وذلك يعني أن يكون مشتملا على العناصر التدريبية الستة وهى : مدرب متقن ومتدرب منتبه ومناخ للتدريب وخطة واضحة ومدة زمنية كافية وأسلوب تدريب يقتضي أن يمارس المتدرب المهارة المطلوبة أمام المدرب وهو مايسمونه (البيان على المعلم) فالتدريب مثله مثل تعليم قيادة السيارة فهل يمكن لأحد أن يقود السيارة بمجرد أن يسمع محاضرة نظرية في مدرسة قيادة السيارات؟!! ولكن لابد أن يأتي معلم القيادة ويقود السيارة أمام المتدرب ثم يطلب منه أن يقوم أمامه بالقيادة وهو بجواره ويظل المدرب يصحح الخطأ للمتدرب حتى يتمكن من القيادة وحده وبهذا تحدث عملية التعلم .
واستعرض السقا عددا من الصفات التي يجب أن يتحلى بها مدرب التنمية البشرية وهى :
* الثقة والتبني والتفاؤل.
* التفكير العميق
* الإقناع والتحفيز والتعزيز
* إجادة الأساليب وتنويعها وتطويرها
* الابتكار في العملية التدريبية عموما
* القدرة على التحكم في الانفعالات والمشاعر الظاهرة
* التوظيف الجيد لكافة المؤثرات لصالح العملية التدريبية مثل ( لغة الحواس – الأعضاء – الحركة الابتسامة – الوجه – العينين- ....)
* الحماس المناسب.
* الحلم وسعة الصدر والأناة
ونصح السقا الشباب الذين يريدون التفوق في هذا المجال بمراعاة مجموعة من المعايير حتى يتحقق لهم ما يستهدفون وهى :
1- التطبيق
2- التطبيق
3- أيضاً التطبيق
4- الثقة بالله ثم الثقة بالنفس.
5- اكتشاف الذات، واستخراج الطاقات الكامنة.
6- الإبداع، والتفكير خارج الإطار.
7- التدريب بشكل صحيح وسليم. وذلك يعني التوازن بين أركان العملية التدريبية الثلاثة وهي (المعرفة، الوجدان، المهارة).
8- الاستعانة بالله. والاستمراااااااار.
محطات دافعة
وتطرق السقا إلى تجربته مع التنمية البشرية قائلا أنها بدأت مع محاضرة استمع إليها من أحد أعلام التطوير والإصلاح في الوطن العربي وهو الدكتور طارق السويدان، وكانت بعنوان "منهجية التغيير أو كيف تغير نفسك " مشيرا الى أن هذه المحاضرة كانت مركزة وواضحة وموثقة بالأدلة والشواهد لدرجة أنها أحدثت ثورة في أعماقه، واستفزت مكامن الطاقة في نفسه بشكل جعله يشعر وكأنه كان نائما فاستيقظ لتوه على مشهد من الحيوية والأمل في الحياة والتغيير للأفضل.
وأشار إلى أنه كانت له بعد ذلك محطات على الطريق منها دورة عن الإيجابية للدكتور ياسر نصر ثم عدة دورات متتالية في الاتصال الفعال والتخطيط وإدارة الوقت وإدارة الذات كجزء من برنامج تدريبي متميز في مركز من المراكز الرائدة في هذا المجال ربما يكون معروفا لدى الجميع وهو مركز زدني برابعة العدوية- القاهرة- وهو مركز رائد ومتميز يديره مجموعة من المتخصصين في هذا المجال يمتلكون رؤية ووعي وإبداع في العمل مع التمسك بمرجعيات وقيم ومبادئ أصيلة.
وأضاف قائلا : ثم بعد ذلك توالت الأيام وبدأت أشعر أن تطبيقي لما أسمعه في هذه الدورات والفعاليات ينعكس ايجابيا على حياتي وظل الأمل في أن أجد ضالتي في هذا المجال حتى التقيت برجل أعتبره شيخ المدربين في مصر، ليس له من الشهرة نصيب ولا يسعى لها وربما لا أذكر اسمه هنا وفاء لرغبته في عدم الشهرة. وأخذت معه برنامج تدريبي طويل وهو دورة المدرب المتميز وبعدها حصلت على دورة إعداد المدربين المتميزين وهي الدورة الأعلى في هذا المجال مشيرا إلى انه مارس التدريب منذ خمس سنوات بشكل بسيط ومن دون توسع أو تربح عن طريق حضور المحاضرات والدوارت التدريبية