سم الله الرحـــمن الــرحــيـــم
(البطاقة لم تعد في جيبي)
الجزء الثاني
دخل احمد غرفة والدته بخطوات متثــاقـلة
ومع كل خطوة يمر امام عينيه مشاهد من افعاله المخزية
يجلس منزوياً فى أحد الأركان
تشعر به والدته ولكنها مازالت غاضبة و تتظاهر بالنوم
يبكى أحمد و يبوح بسيل من الكلمات .. أختنقت فى صدره منذ سنوات
أمه تنصت و قلبها يكاد يخرج من ضلوعها ليُقبل إبنها التائب
يمر وقت طويل ومازال أحمد كالبركان الثائر يفوح بحمم الندم
هنــــــــــــا
دموع الأم تتسلل
ونغمات بكاء الأم والأبن أختلطت .. ليصدر عنها لحن الخلود
أخيـــــــراً
أنتصر النوم لتنتهى الأنشودة
نام أحمد و هو يضم يــــد والدته
كانت ليلة وكــــــأنه فى الجــــنة
-------------------------------------------------------
فى اليوم التـــــالى
ما تفكر فيه قد حــــــدث
لقد هجر أحمد أصدقاء السوء ..
بعد أن تلقى سيل من السخرية و التهكم منهم
وبدء رحلة الطريق إلى الجنة
---------------------------------------------------------
تمر الأيــــــام سريعاً
الأن أحمد يتلعثم وصوته يختنق وهو يتلو أية
أنتظر لا تسئ الظن بـــــه
أنها أخر أيــــة يقوم بتسميعها
لقد أتم أحمد حفظ القران
تصارع الدموع حروف الأية فتمنعها من الخروج من فمه و سط حشد من الناس
الأن تلمع الدموع فى عيون الجميع ...
مشهد ترق له الصخور
فما بالك بالقلوب
------------------------------------------------------
يدخل أحمد مبنى كبير ... يرحب به فرد الأمن فهو يعرفه جيداً و أعتاد رؤيته
يصل إلى ساحة كبيرة ... بمجرد ان يدخلها يٌهلل كل من فيها
يقفزون من أماكنهم .. يهرولون نحوه
الضحكات و الأبتسامات أصبحت اللغة السائدة فى هذا المكان بمجرد دخول أحمد إليه
أنهم أطفال أيتام خصص لهم يوماً فى الأسبوع يقضيه بينهم
يمر الوقت سريعاً جداً عليه و على الأطفال ..
فهذا قانون الزمن ..اللحظات الجميلة تمر كوهج الشهاب
----------------------------------------------------------
ينظر احمد فى ساعته .. وينطلق مسرعاً
أحمد الان فى هذا المسجد
أذا أردت ان تبحث عنه
فهو دائماً فى الصف الأول ....
لا تسأل كيف و متى
فلقد أنطبع مشهد وقوفه أمام السينما ليحجز مقعده قبل البدء بساعة
وقرر أنه سيحجز مكانه فى الصف الاول دائماً ..
فأذا كان ساعة مبكرة تضمن تذكرته فى السينما
فان 10 دقائق قبل الأذان تضمن تذكرته فى الصف الأول
--------------------------------------------------------
الساعة الان الثالثة عصراً
وأحمد قد تسارعت أنفاسه و تساقط منه العرق
انه يمارس تدريباته فى الجيم
--------------------------------------------------------
يعود إلى منزله وقد أنتظرته امه على الغذاء
يطبع قبلة الترحيب على يديها ...
يجلس بجوارها ولكنه لا يأكل
نسيت امه أنه صائم كعادته كل أثنين و خميس
شاركها ببسمته الودودة .. ويـــده التى تضع الطعام فى فمها
---------------------------------------------------------
أحمد مازال يتردد على المقاهى
تمــــــهـــل
الان هو ضيف خفيف .. يدخل المقاهى و يجلس مع الشباب ليدعوهم إلى الله
يستخدم شفرة عالمهم التى يعرفها
ويدخل بها إلى قلوبهم و عقولهم
فينصح هذا و يٌرشد هذا
--------------------------------------------------------
احمد يتوجه لقاعة كبيرة
يجلس
وينصت بهدوء و تركيز
أنه الكورس المكثف لدراسة اللغة الأنجليزية
فلقد أجتاز كل المراحل بنجاح و هو فى المستوى الاخير الأن
---------------------------------------------------------
احمد عائــد للمنزل
فى طريقه يصادفه مشاجرة ... شئ عادى جداً
ولكن ملامح احمد تتغير و يكاد الغضب يقفز من عينيه
فلقد سمع أحدهم يسب الدين
وقف أحمد و أستعد للتدخل بحزم
كما أقول دائماً ما يدور فى رأسك بعيد تماماً
فاحمد يعلم انه لو تدخل الأن ووجه اللوم لمن يسب الدين لن يستمع لنصيحته
ينتظر احمد فى هدوء حتى تنتهى المشاجرة ويتوجه بلطف بالغ للشخص الذى سب الدين
ويطلب منه ان يتحدث معه على انفراد
يقول له و الأبتسامة تسبق كلماته
(انا سمعتك بتسب الدين ... وانا بعذرك انك كنت غضبان .. واكيد مش قصدك ... بس معلش حاول تسيطر على نفسك .. وبأذن الله ربنا هيكرمك .. لان الكلمة ديه كبيرة اوى )
بهدوء تام يستقبل الشخص النصيحة دون جدال .
ويعتذر وقد انتقلت له عدوى الأبتسام من أحمد
---------------------------------------------------------
أصوات الكبسات على لوحة مفاتيح الكمبيوتر تفتتح هذا المشهد
فلقد خصص ساعة يومياً من جدوله المتخم بالأعمال
ليدخل منتدى أستاذ عمرو خالد
يحوم كالفراشة يقتطف الرحيق من أفكاره و يكتب مواضيع لعل أحد ينتفع بها
أحمد يجيد صياغة الأفكار .. وأصبح ينافس ميجا ميند
-------------------------------------------------------
يتبادل أحمد أطراف الحديث اليومى مع والدته
يحكى لها عن يومه ..
ويرمى فى حضنها الدافئ كل مواقفه
يقطع حديثهم رنـــة الموبايل
يرد أحمد بنبرته الهادئة وابتسامته التى يسمعها من لا يراها
يقول بصوت حنون
(حاضر يا بابا... حضرتك عايز علبتين... )
يرجع أحمد لتبادل الحديث مع والدته
ولكن انتظر ... فوالد احمد متوفى منذ زمن
من الذى كان على الهاتف أذن ؟
انه أحد الأباء من دار المسنين التى يزورها احمد بصفة أسبوعية
لقد طلب منه علبة دواء .. فرقم أحمد مع كل أم و كل أب بهذه الدار ...
بعد ان كان رقمه مع معظم بنات الكلية
---------------------------------------------------------
غداً هو يوم الجمعة ... وهو يوم ذو مذاق خاص عند احمد
ينتهى من صلاة الفجر بالمسجد ...
يجلس حتى طلوع الشمس يقوم بالذكر و التسبيح
هو و مجموعة من رواد المسجد
يمضى الوقت و يغادر الجميع المسجد إلا احمد
اغلق باب المسجد ... وبدأ !!!!!
أنه يقوم بتنظيف المسجد ... وتجهيزه ... لإستقبال عباد الرحمن
يمسح ارضية الحمامات ...
ينظف السجاد بهمة و نشاط
أحمد أحب الألقاب إليه خادم المسجد
-------------------------------------------------------
الكرة تهــــز الشباك
انها تصويبة أحمد ... فهو لاعب ماهر ...
يلعب كل جمعة الكرة مع أصدقائه
تشتد المنافسة.. ما بين شد و ركل
ويتعالى الصياح
ولكن يخرج الجميع و قد جمعهم ود الأخوة
---------------------------------------------------------
يشترى أحمد بعض الشرائط الفارغة ... من محل الشرائط
نفس المكان الذى كان يشترى منه أحدث الألبومات الغنائية
لا
لن يسجل محاضرة دينية
قلت لكم سابقاً لا تحاولوا ان تتوقعوا ما سيفعله
أنه يقوم بتسجيل بعض الكتب الدراسية بصوته
هكذا اعتاد احمد ان يساعد المكفوفين
يقرأ بصوته ليروا بأذانهم المنهج
صورة أحد المكفوفين الذين يساعدهم أحمد
-------------------------------------------------------
الأن الساعة السادسة و النصف صباحاً
أعتاد احمد التسلل فى هذا الوقت من المنزل
أمه لا تسأله لانها تثق فيه جداً
كالعادة يعود بعد تسلله بساعة
الأم لا تعرف أين يذهب احمد ..
وأنا أيضاً لا أعرف
بقلم
د.إيهاب
طالب بكلية الطب جامعة الإسكندرية
MeGa MinD
______________
من فضلك لا تبخل بكلمة قبل أن تغادر الموضوع
لينتشر
قلها من قلبك واكتبها الآن
(البطاقة الآن في قلبي... )