هذه دعوة متعمدة مع سبق الإصرار والترصد للهروب من الواقع الذى نعيشه ولو للحظة أو لحظتين كل يوم. فأحياناً نحتاج إلى أن نعلن لأنفسنا أمام أنفسنا رفضنا للتشوه القيمى ولانحسار الجمال عن حياتنا اليومية، حتى نستطيع أن نتعامل مع القبح فى حياتنا اليومية، ونحن على وعى بما نفعل. هذه مرحلة فى منتهى الدقة، وهى مرحلة يمكن أن تكون فارقة بين أن نستمر فى معايشة القبح «اضطراراً» إلى أن يمل منا القبح، أو أن يصير القبح جزءًا منا، ونصير نحن جزءًا منه فلا نستطيع حتى أن ندرك أنه موجود.
ولأننا بشر يصيبنا الوهن أحياناً وتتحكم فينا الحاجة أحياناً أخرى، فإن من المفيد أن يستقوى المرء ببعض المصادر التى تعينه على السير فى شوارع القبح دون أن يفقد روحه أو دون أن يفقدها كلها على الأقل، بعضنا يتمتع بإرادة أقوى من الآخر فيسهل عليه إلقاء القبض على الأمل، وبعضنا يجد فى العقيدة الدينية أو الفكرية ملاذاً فيسهل عليه كشط دهون القبح من على صفحة الروح قبل أن يخلد إلى نوم عميق، وبعضنا يقوم بتفعيل ذاكرة قادرة على انتخاب الجميل من ذكريات الأمس، فيسهل عليه اتخاذها وقوداً لمصباح الغد، وبعضنا الآخر يضع نصب عينيه نماذج من البشر احتفت بالجمال واحتفى بها الجمال فتسهل عليه رؤية مسار واضح خضع لاختبار التجربة.